سلسلة دروس في مصطلح الحديث
صفحة 1 من اصل 1
سلسلة دروس في مصطلح الحديث
الصحيح
الحديث الصحيح: هو ما اتصل إسناده برواية عدلٍ تمَّ ضبطهُ عن مثلهِ إلى منتهاه، ولم يكن شاذاً ولا معلاً.
فيظهر من هذا التعريف أن شروط صحة الحديث خمسة :
الأوّل : الاتصال ، وهو سماع الحديث لكل راوٍ من الراوي الذي يليه .
ويعرف الاتصال بأحد أَمرين :
الأول أن يصرح الراوي بإحدى صيغ السّماع كأن يقول الراوي : حدثنا ، أو حدثني ، أو أَخبرنا ، أو أخبرني ، أو أَنبأنا ، أو أنبأني ، أو سمعت ، أو قال لي ، أو قال لنا ، أو نحوها من صيغ السماع .
الثاني : أن يأتي الراوي بصيغةٍ تحتمل السّماع وغير السّماع ، كأن يقول الراوي : عن ، أو أن ، أو
قال ، أو حدث ، أو روى ، أو ذكر ، وغيرها من الصيغ التي تحتمل السّماعَ وعدم السّماع .
فهنا تشترط ثلاثة أمور :
الأول : عدم التدليس .
الثاني : المعاصرة .
الثالث : ثبوت السّماع .
وقد اكتفى مسلم بالشرطين الأوليين ، أما الشرط الثالث فقد اشترطه البخاري ، وشيخه علي بن المديني ، واشتراطه قول جمهور أهل العلم .
وباشتراط الاتصال يخرج : المنقطع ، والمعضل ، والمعلق ، والمدلس ، والمرسل .
أما الشرط الثاني : فهوَ العدالة : وهي هيئة راسخة في النفس تمنح صاحبها عدم فعل الكبائر ، وَعدم الإصرار على الصغائر ، وَعدم فعل ما يخرم المروءة .
أمّا الشرط الثالث : فهو الضبط : وهو تيقظ الراوي حين تحمله وفهمه لما سمعه ، وضبطه لذلك من وقت التحمل إلى وقت الأداء .
والضبط ضبطان : ضبط صدرٍ ، وضبط كتاب ، ويلخص مما ذكر في الضبط بقولنا : أنْ يكون الراوي حافظاً عالماً بما يرويه ، إن حدث من حفظه ، فاهماً إن حدث على المعنى ، وحافظاً لكتابه من دخول التحريف أو التبديل ، أو النقص عليه إن حدث من كتابه .
وفي اشتراط الضبط احترازٌ عن حديث المغفل ، وكثير الخطأ ، وسيئ الحفظ ، والذي يقبل التلقين . وهذه الشروط ( الاتصال ، العدالة ، الضبط ) الثلاثة تتعلق بالإسناد .
أما الشرط الرابع : فهو عدم الشذوذ ، والحديث الشاذ هو الذي خالف فيه راويه من هو أوثق منه عدداً أو حفظاً .
أمّا الشرط الخامس : فهو عدم العلة هو أنْ لا يكون الحديث معلاً ، والحديث المعل هو ما اطلع فيه على علةٍ خفيةٍ تقدح في صحته ، مع أنْ الظاهر سلامة الحديث من العلة .
وينقسم الحديث الصحيح إلى قسمين : صحيح لذاته وصحيح لغيره ، فالصحيح لذاته هو ما تقدم تعريفه ، وقلنا : لذاته ؛ لأن صحته ناشئة من نفسه دون إضافة شيء .
أما الصحيح لغيره : فهو الحديث الحسن الذي ارتقى بمتابع أو شاهد .
وقد تكلم العلماء في أصح الأسانيد فقيل : أصحها الزهري ، عن سالم ، عن أبيه .
وقيل : الأعمش ، عن إبراهيم النخعي ، عن علقمة بن قيس ، عن عبد الله بن مسعود .
وقيل : مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر .
وقيل : محمد بن سيرين ، عن عَبيدة بن عمرو السلماني عن علي .
وهذه تنفع عند الاختلاف ، فما قيل فيه : أصح الأسانيد يرجح على غيره ، وكذا يعرف به صحة الحديث .
وإذا قال المحدثون : صحيح الإسناد ، أو إسناده صحيح ، فهذا معناه : أنْ الحديث قد استكمل شروط الصحةِ الثلاثةِ الأولى ، ولا يلزم منه أن يكون صحيحاً ؛ إذ قد يكون شاذاً أو معلاً فلا يلزم من صحة الإسناد صحة المتن ، ولا من ضعف الإسناد ضعف المتن ، وهذا ليس على إطلاقه .
وإذا قال المحدثون : أصحُ شيءٍ في الباب فلا يعنون صحته ، وإنما يعنون أنه أمثل شيءٍ في الباب .
أما أول من صنّف في الصحيح المجرد فهو الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة المولود سنة ( 194 ه ) ، والمتوفى سنة ( 256 ه ) ، وقد طلب العلم صغيراً وله أحد عشر عاماً ، وكان من أوعيةِ العلم ، وكتابه أصحُ كتابٍ بعد كتاب الله ، واسم الكتاب " الجامع الصحيح المسند المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننهِ وأيامهِ " .
ويستفاد من قوله : ( الجامع ) أنه يجمع الأحكام والفضائل والأخبار عن الأمور الماضية ، والآتية ، والآداب ، والرقائق ، والتفسير .
ويستفاد من قوله : ( الصحيح ) أنه احترز عن إدخال الضعيف في كتابهِ ، وقد صح عن الإمام البخاري أنّه قال : (( ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح )) .
ومن قوله : ( المسند ) أن مقصوده الأصلي تخريج الأحاديث المتصل إسنادها بالصحابةِ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من قولٍ ، أو فعلٍ ، أو تقريرٍ ، وأنّ ما وقع في الكتاب من غير ذلك فإنما وقع تبعاً وعرضاً لا أصلاً ومقصوداً ، وذكر للاستشهاد والاستئناس ؛ ليكون الكتاب جامعاً لمعاني الإسلام .
ثمَّ تبعه بجمع الصحيح تلميذه وخريجه أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النَّيْسابوري المتوفى سنة
( 261ه ) ، وقد استفاد من شيخه البخاري ، وفاق البخاريَّ من حيث التبويب ، والترتيب ، والجمع ، والتنسيق ، وكتاب البخاري أجود من حيث الصحة على رأي الجمهور .
هل استوعب الصحيحان جميع الصحيح ؟
لم يستوعب الصحيحان جميع الصحيح ، ولم يريدا ذلك ، فقد قال البخاري : (( تركت من الصحاح لحالِ الطولِ )) ، وقال الإمام مسلم : (( ليس كل شيء عندي صحيح وَضعته هاهنا )) .
وَيوجد في كتب العلم تصحيح للإمام البخاري ومسلم لكثيرٍ من الأحاديث ، وتوجد كتب أخرى التزم مصنفوها الصحة لكنهم وقعوا في بعض الأخطاء منهم ابن خزيمة ، وابن حبان ، والحاكم ، وابن السكن ، والضياء في المختارة .
تتمة يسيرة لفك بعض قيود التعريف :
مثال الشاذ : ما رواه عبد الواحد بن زياد قال : حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع على يمينه )) فقد أخطأ عبد الواحد بن زياد وشذّ حينما جعل الحديث من قول النبي صلى الله عليه وسلم والصواب أنه من فعله هكذا رواه سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه عند ابن ماجه ( 1199 )، والنسائي في الكبرى ( 1456 )، وكذا رواه محمد بن إبراهيم ، عن أبي صالح عند البيهقي 3/45 .
وقد صرح جمع من الأئمة بشذوذ رواية عبد الواحد بن زياد منهم البيهقي في السنن الكبرى 3/45 فقال عن رواية الفعل: (( وهذا أولى أن يكون محفوظاً لموافقته سائر الروايات عن عائشة وابن عباس )) ، وكذا نقل الحكم بالشذوذ ابن القيم عن شيخه ابن تيمية في زاد المعاد 1/308 فقال : (( هذا باطل وليس بصحيح ، وإنما الصحيح عنه الفعل لا الأمر بها ، والأمر تفرد به عبد الواحد بن زياد وغلط فيه )) . وبنحو هذا قال الذهبي في الميزان 2/672 . وهذا الشذوذ في جميع المتن ، وهناك شذوذ ببعض المتن كزيادة التسمية في حديث أنس في الوضوء .
مثال المعل : مثاله ما رواه شعبة عن سلمة بن كهيل ، عن حجر أبي العنبس ، عن علقمة بن وائل ، عن أبيه : (( أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ (( غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ )) فقال : آمين ، وخفض بها صوته )) .
وهذا الحديث فيه ثلاث علل نص عليها البخاري فيما نقله عنه الترمذي في الجامع عقب ( 248 ) فقال : (( سمعت محمداً – يعني البخاري – يقول : حديث سفيان أصح من حديث شعبة في مواضع من هذا الحديث ، فقال : عن حُجر أبي العنبس ، وإنما هو حجر بن عنبس ، ويكنى أبا السكن ، وزاد فيه : عن علقمة بن وائل ، وليس فيه عن علقمة ، وإنما هو حجر بن عنبس ، عن وائل بن حجر ، وقال : (( وخفض بها صوته )) وإنما هو (( ومدّ بها صوته )) .
ورواية سفيان الصحيحة هي ما قال فيها : عن سلمة بن كهيل ، عن حجر بن عنبس ، عن وائل بن حجر ، قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قرأ : (( غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ )) ، فقال : (( آمين )) ، ومدّ بها صوته .
أقول : ومما يرجح رواية سفيان أنه قد توبع على ذلك تابعه العلاء بن صالح الأسدي ومحمد بن سلمة قال الترمذي
: (( وسألت أبا زرعة عن هذا الحديث ؟ فقال : حديث سفيان في هذا أصح ، وقال : وروى العلاء بن صالح الأسدي عن سلمة بن كهيل نحو رواية سفيان )) .
الحديث الصحيح: هو ما اتصل إسناده برواية عدلٍ تمَّ ضبطهُ عن مثلهِ إلى منتهاه، ولم يكن شاذاً ولا معلاً.
فيظهر من هذا التعريف أن شروط صحة الحديث خمسة :
الأوّل : الاتصال ، وهو سماع الحديث لكل راوٍ من الراوي الذي يليه .
ويعرف الاتصال بأحد أَمرين :
الأول أن يصرح الراوي بإحدى صيغ السّماع كأن يقول الراوي : حدثنا ، أو حدثني ، أو أَخبرنا ، أو أخبرني ، أو أَنبأنا ، أو أنبأني ، أو سمعت ، أو قال لي ، أو قال لنا ، أو نحوها من صيغ السماع .
الثاني : أن يأتي الراوي بصيغةٍ تحتمل السّماع وغير السّماع ، كأن يقول الراوي : عن ، أو أن ، أو
قال ، أو حدث ، أو روى ، أو ذكر ، وغيرها من الصيغ التي تحتمل السّماعَ وعدم السّماع .
فهنا تشترط ثلاثة أمور :
الأول : عدم التدليس .
الثاني : المعاصرة .
الثالث : ثبوت السّماع .
وقد اكتفى مسلم بالشرطين الأوليين ، أما الشرط الثالث فقد اشترطه البخاري ، وشيخه علي بن المديني ، واشتراطه قول جمهور أهل العلم .
وباشتراط الاتصال يخرج : المنقطع ، والمعضل ، والمعلق ، والمدلس ، والمرسل .
أما الشرط الثاني : فهوَ العدالة : وهي هيئة راسخة في النفس تمنح صاحبها عدم فعل الكبائر ، وَعدم الإصرار على الصغائر ، وَعدم فعل ما يخرم المروءة .
أمّا الشرط الثالث : فهو الضبط : وهو تيقظ الراوي حين تحمله وفهمه لما سمعه ، وضبطه لذلك من وقت التحمل إلى وقت الأداء .
والضبط ضبطان : ضبط صدرٍ ، وضبط كتاب ، ويلخص مما ذكر في الضبط بقولنا : أنْ يكون الراوي حافظاً عالماً بما يرويه ، إن حدث من حفظه ، فاهماً إن حدث على المعنى ، وحافظاً لكتابه من دخول التحريف أو التبديل ، أو النقص عليه إن حدث من كتابه .
وفي اشتراط الضبط احترازٌ عن حديث المغفل ، وكثير الخطأ ، وسيئ الحفظ ، والذي يقبل التلقين . وهذه الشروط ( الاتصال ، العدالة ، الضبط ) الثلاثة تتعلق بالإسناد .
أما الشرط الرابع : فهو عدم الشذوذ ، والحديث الشاذ هو الذي خالف فيه راويه من هو أوثق منه عدداً أو حفظاً .
أمّا الشرط الخامس : فهو عدم العلة هو أنْ لا يكون الحديث معلاً ، والحديث المعل هو ما اطلع فيه على علةٍ خفيةٍ تقدح في صحته ، مع أنْ الظاهر سلامة الحديث من العلة .
وينقسم الحديث الصحيح إلى قسمين : صحيح لذاته وصحيح لغيره ، فالصحيح لذاته هو ما تقدم تعريفه ، وقلنا : لذاته ؛ لأن صحته ناشئة من نفسه دون إضافة شيء .
أما الصحيح لغيره : فهو الحديث الحسن الذي ارتقى بمتابع أو شاهد .
وقد تكلم العلماء في أصح الأسانيد فقيل : أصحها الزهري ، عن سالم ، عن أبيه .
وقيل : الأعمش ، عن إبراهيم النخعي ، عن علقمة بن قيس ، عن عبد الله بن مسعود .
وقيل : مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر .
وقيل : محمد بن سيرين ، عن عَبيدة بن عمرو السلماني عن علي .
وهذه تنفع عند الاختلاف ، فما قيل فيه : أصح الأسانيد يرجح على غيره ، وكذا يعرف به صحة الحديث .
وإذا قال المحدثون : صحيح الإسناد ، أو إسناده صحيح ، فهذا معناه : أنْ الحديث قد استكمل شروط الصحةِ الثلاثةِ الأولى ، ولا يلزم منه أن يكون صحيحاً ؛ إذ قد يكون شاذاً أو معلاً فلا يلزم من صحة الإسناد صحة المتن ، ولا من ضعف الإسناد ضعف المتن ، وهذا ليس على إطلاقه .
وإذا قال المحدثون : أصحُ شيءٍ في الباب فلا يعنون صحته ، وإنما يعنون أنه أمثل شيءٍ في الباب .
أما أول من صنّف في الصحيح المجرد فهو الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة المولود سنة ( 194 ه ) ، والمتوفى سنة ( 256 ه ) ، وقد طلب العلم صغيراً وله أحد عشر عاماً ، وكان من أوعيةِ العلم ، وكتابه أصحُ كتابٍ بعد كتاب الله ، واسم الكتاب " الجامع الصحيح المسند المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننهِ وأيامهِ " .
ويستفاد من قوله : ( الجامع ) أنه يجمع الأحكام والفضائل والأخبار عن الأمور الماضية ، والآتية ، والآداب ، والرقائق ، والتفسير .
ويستفاد من قوله : ( الصحيح ) أنه احترز عن إدخال الضعيف في كتابهِ ، وقد صح عن الإمام البخاري أنّه قال : (( ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح )) .
ومن قوله : ( المسند ) أن مقصوده الأصلي تخريج الأحاديث المتصل إسنادها بالصحابةِ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من قولٍ ، أو فعلٍ ، أو تقريرٍ ، وأنّ ما وقع في الكتاب من غير ذلك فإنما وقع تبعاً وعرضاً لا أصلاً ومقصوداً ، وذكر للاستشهاد والاستئناس ؛ ليكون الكتاب جامعاً لمعاني الإسلام .
ثمَّ تبعه بجمع الصحيح تلميذه وخريجه أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النَّيْسابوري المتوفى سنة
( 261ه ) ، وقد استفاد من شيخه البخاري ، وفاق البخاريَّ من حيث التبويب ، والترتيب ، والجمع ، والتنسيق ، وكتاب البخاري أجود من حيث الصحة على رأي الجمهور .
هل استوعب الصحيحان جميع الصحيح ؟
لم يستوعب الصحيحان جميع الصحيح ، ولم يريدا ذلك ، فقد قال البخاري : (( تركت من الصحاح لحالِ الطولِ )) ، وقال الإمام مسلم : (( ليس كل شيء عندي صحيح وَضعته هاهنا )) .
وَيوجد في كتب العلم تصحيح للإمام البخاري ومسلم لكثيرٍ من الأحاديث ، وتوجد كتب أخرى التزم مصنفوها الصحة لكنهم وقعوا في بعض الأخطاء منهم ابن خزيمة ، وابن حبان ، والحاكم ، وابن السكن ، والضياء في المختارة .
تتمة يسيرة لفك بعض قيود التعريف :
مثال الشاذ : ما رواه عبد الواحد بن زياد قال : حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع على يمينه )) فقد أخطأ عبد الواحد بن زياد وشذّ حينما جعل الحديث من قول النبي صلى الله عليه وسلم والصواب أنه من فعله هكذا رواه سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه عند ابن ماجه ( 1199 )، والنسائي في الكبرى ( 1456 )، وكذا رواه محمد بن إبراهيم ، عن أبي صالح عند البيهقي 3/45 .
وقد صرح جمع من الأئمة بشذوذ رواية عبد الواحد بن زياد منهم البيهقي في السنن الكبرى 3/45 فقال عن رواية الفعل: (( وهذا أولى أن يكون محفوظاً لموافقته سائر الروايات عن عائشة وابن عباس )) ، وكذا نقل الحكم بالشذوذ ابن القيم عن شيخه ابن تيمية في زاد المعاد 1/308 فقال : (( هذا باطل وليس بصحيح ، وإنما الصحيح عنه الفعل لا الأمر بها ، والأمر تفرد به عبد الواحد بن زياد وغلط فيه )) . وبنحو هذا قال الذهبي في الميزان 2/672 . وهذا الشذوذ في جميع المتن ، وهناك شذوذ ببعض المتن كزيادة التسمية في حديث أنس في الوضوء .
مثال المعل : مثاله ما رواه شعبة عن سلمة بن كهيل ، عن حجر أبي العنبس ، عن علقمة بن وائل ، عن أبيه : (( أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ (( غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ )) فقال : آمين ، وخفض بها صوته )) .
وهذا الحديث فيه ثلاث علل نص عليها البخاري فيما نقله عنه الترمذي في الجامع عقب ( 248 ) فقال : (( سمعت محمداً – يعني البخاري – يقول : حديث سفيان أصح من حديث شعبة في مواضع من هذا الحديث ، فقال : عن حُجر أبي العنبس ، وإنما هو حجر بن عنبس ، ويكنى أبا السكن ، وزاد فيه : عن علقمة بن وائل ، وليس فيه عن علقمة ، وإنما هو حجر بن عنبس ، عن وائل بن حجر ، وقال : (( وخفض بها صوته )) وإنما هو (( ومدّ بها صوته )) .
ورواية سفيان الصحيحة هي ما قال فيها : عن سلمة بن كهيل ، عن حجر بن عنبس ، عن وائل بن حجر ، قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قرأ : (( غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ )) ، فقال : (( آمين )) ، ومدّ بها صوته .
أقول : ومما يرجح رواية سفيان أنه قد توبع على ذلك تابعه العلاء بن صالح الأسدي ومحمد بن سلمة قال الترمذي
: (( وسألت أبا زرعة عن هذا الحديث ؟ فقال : حديث سفيان في هذا أصح ، وقال : وروى العلاء بن صالح الأسدي عن سلمة بن كهيل نحو رواية سفيان )) .
رد: سلسلة دروس في مصطلح الحديث
فلسفة شروط الصحة ، وقضايا أخرى تتعلق بالموضوع :
يفهم مما تقدم أن شروط الصحة مأخوذة من التعريف ، وهي بمجملها : الاتصال ، والعدالة ، والضبط ، و عدم الشذوذ ، وعدم العلة .
وهذه الشروط منها ينبثق نقد المحدثين للحديث ، ويكون نقدهم لها نقداً علمياً شاملاً متكاملاً بجمع عناصر الشروط بحيث تجمع الشروط في المتن والإسناد ، ولا يفصل المتن عن الإسناد ؛ لأن ذلك يقوم عندهم على المعرفة الحديثية والفقهية الشاملة .
وتصحيح الحديث أو تضعيفه جائز لمن تمكن وقويت معرفته ، وقد فهم قوم أن ابن الصلاح أغلق باب التصحيح والتضعيف والصحيح أن ابن الصلاح لم يرد سد باب التصحيح والتضعيف ، وإنما أراد التعسير في الأمر ، وأنه لا يتمكن له كل أحد ، وفي كلام ابن الصلاح تنبيه على أن الإقدام بالحكم على تصحيح الأحاديث قضية تنبني عليها تبعة خطيرة أمام الله تعالى ، وفيها تحذير ضمنيٌّ لكل من يُريد ولوج ميدان الحكم على الأحاديث النبوية ؛ لأن الحكم على الحديث إثبات شرعٍ أو نفي شرعٍ ؛ لأن السنة مصدر مهمٍ من مصادر الأحكام يستنبط من صحيحها الحلال والحرام .
لكن ليعلم أن قضية تصحيح الأحاديث وتعليلها ليست قضية حسابية رياضية بحيث تنتج نتائج على وفق قواعد ، بل هي معطيات وقرائن تدور حول الحديث وجوداً وعدماً ؛ يتمكن لها أصحاب الحفظ التام والنظر الثاقب والقريحة الجيدة .
ونحن حينما نسرد الشروط : الاتصال ، العدالة ، الضبط . ثم نعقبها بالشروط السلبية : عدم الشذوذ ، وعدم العلة ؛ نصنع ذلك لندرك أن الثقة قد يخطئ ، وهذا من فطرة الله للإنسان مع أن ذلك لا يخرجه من دائرة الضبط والإتقان لكثرة الصواب .
وشروط المحدثين التي ساقوها لصحة الحديث شروط في غاية الدقة والإحكام ؛ فالعدالة : تحقق عدم تساهل الراوي بالحديث وعدم تعمد تلاعبه بشيء من ألفاظ الحديث .
والضبط : يحقق لنا أداء الحديث كما سمع من قائله من غير تقديم ولا تأخير ولا زيادة ولا فوتٍ .
واتصال السند : يدل على السماع ، وعدم اختلال السند برواية من ليسوا موجودين .
والشرطان الأخيران : عدم الشذوذ ، وعدم العلة يدلان على ضبط الحديث وأنَّه لم يدخله الوهم والخطأ . مع إشارتي السريعة أن كل شاذ معلول ، وليس كل معلول شاذ فأحدهما يدخل في الآخر ؛ لكن فصل ذلك لِوضوح أنَّ الشاذ ما رواه الثقة مخالفاً مَن هو أوثق منه عدداً أو حفظاً .
وإنَّ المعل أعم . على أنَّ تقيد الشاذ بهذا القيد هو ما استقر عليه المصطلح عند المتأخرين ؛ حتى لا تختلط الحدود ، وإلا فكان المتقدمون يطلقون الشاذ على كل خطأ في كثير من الأحيان .
ثم لابد أن أشير أن هذه الشروط المذكورة لبيان صحة الحديث ليس بمقدور كل أحد تطبيقها والخوض فيها ، وإنما ذلك لمن سلك جادة العلم الشرعي ، وشمر عن ساعد الجد ، وزاحم أهل العلم بركبته ، وأفنى الساعات الطويلة والأوقات الثمينة في تحرير المسائل حتى يصير عارفاً لطرائق الأئمة المتقدمين وعلى أقوالهم وضبطهم في كتبهم ودروسهم وتعليلهم .
رد: سلسلة دروس في مصطلح الحديث
تتمات الصحيح
المستخرجات : جمع مستخرج ، وموضوع المستخرج ، هو : أن يأتي المصنفُ إلى كتابٍ من كتب الحديث فيخرج أحاديثه بأسانيد لنفسه من غير طريق صاحب الكتاب ، فيجتمع معهُ في شيخه أو من فوقهُ .
وشرطهُ : أن لا يصل إلى شيخٍ أبعد حتى يفقد سنداً يوصلهُ إلى الأقرب إلا لعذرٍ من علوٍ أو زيادة مهمة .
والمستخرجات على الصحيحين ، وعلى غيرهما .
فعلى صحيح البخاري : مستخرج الإسماعيلي ، ومستخرج البرقاني ، ومستخرج الغطريفي ، ومستخرج ابن أبي ذهل ، ومستخرج أبي بكر ابن مردويه .
وعلى صحيح مسلم : مستخرج أبي عوانة ، ومستخرج أبي جعفر بن حمدان ، ومستخرج أبي بكر محمد بن رجاء النيسابوري ، ومستخرج أبي بكر الجوزقي ، ومستخرج أبي حامد
الشاذلي ، ومستخرج أبي الوليد حسّان بن محمد القُرشي ، ومستخرج أبي عمران موسى بن عباس الجويني ، ومستخرج أبي نصر الطوسي ، ومستخرج أبي سعيد بن أبي عثمان الحيري .
أما المستخرجات على كلا الصحيحين : فالمستخرج لأبي نعيم الأصبهاني ، ومستخرج أبي عبد الله بن الأخرم ، ومستخرج أبي ذر الهروي ، ومستخرج أبي محمد الخلال ، ومستخرج أبي علي الماسرجسي ، ومستخرج أبي مسعود سليمان بن إبراهيم الأصفهاني ، ومستخرج أبي بكر اليزدي ، ومستخرج أبي بكر بن عدنان الشيرازي .
وهناك مستخرجات على غير الصحيحين ، منها : المستخرج لمحمد بن عبد الملك بن أيمن على سنن أبي داود ، ومستخرج أبي علي الطوسي على جامع الترمذي ، ومستخرج أبي نُعيم على التوحيد لابن خزيمة .
وأصحاب المستخرجاتِ لم يلتزم فيها مؤلفوها موافقة الصحيحين في الألفاظ ؛ لأنَّهم إنما يروون بالألفاظ التي وقعت لهم عن شيوخهم ؛ فحصل فيها تفاوت قليل في اللفظ ، وفي المعنى ، وكذا ما رواه البيهقي والبغوي في كتبهم لا سيّما السنن والمعرفة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
10th يوليو 2008, 17:47 من طرف زائر
» الطريق الى الله
10th يوليو 2008, 16:34 من طرف زائر
» ضرورة التفسير
10th يوليو 2008, 16:24 من طرف زائر
» تصويت على كتاب الأربعين النووية
10th يوليو 2008, 16:01 من طرف زائر
» سلاسل صوتية متدرجة في علم النحو
10th يوليو 2008, 15:51 من طرف زائر
» حول الأسئلة المطروحة في أصول الفقه ـ مهم ـ
10th يوليو 2008, 15:13 من طرف زائر
» اقتراح يخص طالب العلم
23rd يونيو 2008, 22:16 من طرف زائر
» حدود الشبهة و ما قيل في حكمها
23rd يونيو 2008, 16:38 من طرف محمد شحاته على
» جنايات على العلم والمنهج (6)..هجر جناحي الاجتهاد أو التقصير
23rd يونيو 2008, 16:37 من طرف محمد شحاته على