دراسة تطبيقية تعليلية
صفحة 1 من اصل 1
دراسة تطبيقية تعليلية
1002 -أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ *، عَنْ دَاوُدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ الْعَطَّارِ
وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بنِ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيِّ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ : دَارَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ يَوْمَ النَّحْرِ فَأَمَرَهَا أَنْ تُعَجِّلَ الإِفَاضَةَ مِنْ جَمْعٍ حَتَّى تَأَتِيَ مَكَّةَ فَتُصَلِّيَ بِهَا الصُّبْحَ وَكَانَ يَوْمَهَا فَأَحَبَّ أَنْ تُوَافِقَهُ .
أَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ مِنَ المَشْرِقِيِّينَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيْهِ ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ .*
هذان الحديثان من مسند الشافعي فيهما مسائل :
الأولى : إن تصدير الإمام الشافعي -يرحمه الله- بالحديث المرسل ، ثم سياقه الحديث موصولاً مبنيٌّ على مذهبه في تقوية المرسل بالموصول ( انظر : مناقب الشافعي للبيهقي 2/31 ، وإرشاد طلاب الحقائق 1/176 ) ؛ ولكن الحال هنا ليس كذلك ، فالحديث مداره واحد ، وهو هشام ورواية الوصل لا تقوي الرواية المرسلة ؛ إذ إن المرسلة محفوظة والموصولة شاذة .
الثانية : إن الإمام الشافعي عند سياقته للحديث موصولاً بالحديث الآتي صدّره بقوله :
(( أخبرني من أثق به )) فعدّله على الإبهام ، ولم يذكر من أخبره . قال البيهقي في السنن الكبرى 5/133 : (( كأن الشافعي -يرحمه الله- أخذه من أبي معاوية الضرير ، وقد رواه أبو معاوية موصولاً )) .
قال ماهر : لا شك في أن الشافعي إنما أخذه من أبي معاوية ، فهو الذي تفرد بوصله هكذا ، وقد ذكر العلماء الحمل عليه فيه وقد شرح الطحاوي استنباط الشافعي من حديث أبي معاوية فقال : (( فاحتج الشافعي كما حكى لنا المزني عنه بهذا الحديث ، وقال : فيه ما قد دل على أنه صلى الله عليه وسلم قد أباحها أن تنفر من جمعٍ ، قبل طلوع الفجر ؛ لأنه لا يمكن أن يكون ذلك منها مع موافاتها مكة ضحىً إلا وقد خرجت من جمع قبل طلوع الفجر ؛ لبعد ما بين مكة وجمع ، وفي ذلك ما قد دل على أنها قد كانت رمت الجمرة قبل طلوع الفجر .
قال أبو جعفر : وهذا قول لم نعلم أحداً من أهلِ العلم سواه قاله ، ولا ذهب إليه ، فكلهم على خلافه فيه ، وعلى أنه ليس لأحد من الحاج أن يرمي جمرة العقبة في الليل قبل طلوع الفجر ، فتأملنا هذا الحديث ، فوجدناه إنما دار بهذا المعنى على أبي معاوية . ووجدنا أبا معاوية قد اضطرب فيه … )) شرح المشكل 9/138-139 ثم دلل على ذلك .
الثالثة : قول الطحاوي في أن الشافعي هو الوحيد القائل بذلك تساهل كبير منه رحمه الله فقد قال بمثل قوله : عطاء وابن أبي ليلى ، وعكرمة بن خالد ، وأحمد في أرجح الروايتين عنه ( الهداية للكلوذاني ، ل 101، والحاوي الكبير 5/248 ، والوسيط 2/1267 ، والتهذيب 3/267 ،
والمقنع : 68 ، والمغني 3/449-450 ، وروضة الطالبين 3/103 ، والمحرر 1/247 ، والشرح الكبير 3/452 ) .
الرابعة : إن هذا الحديث مضطرب المتن ، وقد اضطرب فيه على أبي معاوية ، ثم إن الحديث معل بالإرسال ، والصواب فيه الإرسال ، والوصل فيه خطأ أخطأ فيه أبو معاوية ، وسأتكلم على اضطراب متنه ، ثم أشرح كيف أنه معل بالإرسال .
فأبو معاوية رواه عنه عدة من الرواة ، وقد تغير متن الحديث عند كل راوٍ من الرواة عن أبي معاوية فالحمل عليه إذن ، وبيان ذلك فيما سيأتي :
الخامسة : روى الحديث أسد بن موسى ( وهو صدوق يغرب . التقريب ( 399 )) عن أبي معاوية ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن زينب بنت أبي سلمة ، عن أم سلمة ، قالت : أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن توافي معه صلاة الصبح بمكة . ( هذه الرواية أخرجها الطحاوي في شرح المعاني 1/219 وفي شرح المشكل ، له ( 3518 ) والبيهقي في معرفة السنن ( 3060 ) ) .
وروى الحديث أبو كريب ( وهو ثقة حافظ . التقريب ( 6204 )) عن أبي معاوية ، عن هشام ، عن أبيه ، عن زينب ، عن أم سلمة ، قالت : أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن توافي مكة صلاة الصبح يوم النحر . ( هذه الرواية عند ابن عبد البر في الاستذكار 3/594 ) .
ورواه عبد الله بن جعفر الرقي ( وهو مقبول. التقريب ( 3254 )) عن أبي معاوية عن هشام ابن عروة ، عن أبيه ، عن زينب بنت أبي سلمة ، عن أم سلمة : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن توافي معه يوم النحر بمكة ( هذه الرواية أخرجها الطبراني في الكبير 23/799 ) .
ورواه أبو خيثمة : زهير بن حرب ( وهو ثقة ثبت . التقريب ( 2042 ) ) عن أبي معاوية ، قال : حدثنا هشام بن عروه ، عن أبيه ، عن زينب بنت أم سلمة ، عن أم سلمة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها أن توافي صلاة الصبح يوم النحر بمكة . ( هذه الرواية أخرجها أبو يعلى ( 7000 ) ) .
ورواه محمد بن عمرو السوسي ( الثقات 9/136 ) عن أبي معاوية ، عن هشام ، عن أبيه ، عن زينب ، عن أم سلمة : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن توافي الضحى بمكة يوم النحر . ( هذه الرواية أخرجها الطحاوي في شرح المشكل ( 3517 ) و ( 3518 ) ، وفي شرح المعاني 2/319 ) .
وهناك روايات أخرى فصلتُّ الكلام عنها في كتابي : (( أثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقها )) : 338-349 .
السادسة : هكذا اضطرب فيه أبو معاوية ، واختلف الرواة عنه فيه . قال ابن التركماني في الجوهر النقي 5/132 : (( مضطرب سنداً ومتناً )) .
قال ماهر : أنا أوافق ابن التركماني في حكمه على اضطراب متنه . أما الحكم على الاضطراب في السند ، فهو تجوز منه -يرحمه الله- إذ لا يحكم بالاضطراب إلا عند عدم إمكان الترجيح واستواء الوجوه ، والأمر هنا ليس كذلك فأبو معاوية مخطيءٌ بوصله ، والقول فيه قول من أرسله .
السابعة : أما إعلاله بالإرسال ، فهو كما يأتي .
فقد رواه سفيان بن عينية ( وهو ثقة فقيه حافظ إمام حجة تقريب ( 2451 ) ) عن هشام ابن عروة ، عن أبيه ، عن أم سلمة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها أن تصلي الفجر بمكة يوم النحر .
( هذه الرواية أخرجها الطحاوي في شرح المشكل ( 3520 ) ، والسند نفسه وقع في معجم الطبراني الكبير 23/( 982 ) : (( أن تصلي الصبح بمكة من غير ذكر يوم النحر ، ونقل ابن
عبد البر في الاستذكار 5/593 قول سفيان بعدم جواز الرمي قبل طلوع الشمس )) ) .
ورواه وكيع بن الجراح ( وهو ثقة حافظ عابد ، تقريب ( 7414 ) ) عن هشام ، عن أبيه : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أم سلمة أن توافيه صلاة الصبح بمنىً ( هذه الرواية أخرجها ابن أبي شيبة
( 13754 ) ، وقد نقل ابن القيم الجوزية في زاد المعاد 2/249 : (( وإنما قال وكيع : توافي منى ، وأصاب في قوله : توافي ، كما قال أصحابه ، وأخطأ في قوله : منى )) .
ورواه حماد بن سلمة ( وهو ثقة تغير حفظه بأخره ، تقريب ( 1499 )) عن هشام بن عروة ، عن أبيه : أن يوم أم سلمة دار إلى يوم النحر ، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرمت الجمرة ، وصلت الفجر بمكة . ( هذه الرواية عند الطحاوي في شرح المشكل ( 3521 ) و( 3522 ) ، وفي شرح المعاني 2/218 ) .
ورواه داود بن عبد الرحمان العطار ( وهو ثقة . التقريب ( 1798 )) وعبد العزيز الدراوردي
( وهو صدوق . التقريب ( 4119 ) ) مقرونين عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال : دار
رسول الله كما هو حديث الباب عن الشافعي هنا .
فهؤلاء ثقات تلامذة هشام : ( سفيان ووكيع وحماد وداود وعبد العزيز ) خمستهم رووه عن هشام ، عن أبيه مرسلاً ، وروايتهم أصح ؛ فهم أكثر عدداً ، والعدد أولى بالحفظ ، وقد نص إمام المعللين وشيخ المجرحين والمعدلين أبو الحسن الدارقطني على ترجيح الرواية المرسله ( علله 5/1 الورقة 123 ) ونقل الأثرم عن الإمام أحمد أنه قال : (( لم يسنده غيره –يعني : أبا معاوية- وهو خطأ )) ( شرح مشكل الآثار 9/140 ، وشرح معاني الآثار 2/221 ، وزاد المعاد 2/249 ) .
والذي دفعني إلى هذا التفصيل قول الدكتور رفعت فوزي عند تحقيقه للأم 3/553 : (( إن الوصل زيادة ثقة وزيادة الثقة مقبوله … )) !!! والقول بإطلاق قبول زيادة الثقة قول ضعيف مرذول يخالف صنيع المتقدمين من المحدثين ، وقد فصلت الكلام عنه في مقدمتي لمسند الإمام الشافعي .
أخْرَجَهُ البَيهَقِيّ 5/133 وفي المعرفة ، له ( 3040 ) مِنْ طَرِيق الشَّافِعِيّ .
وأخْرَجَهُ ابن أَبِي شَيْبَةَ ( 13136 ) ط الحوت ، والبُخَارِيّ 2/189 ( 1626 ) ، والنَّسائِي 5/223 وفِي الكُبْرَى ( 3904 ) ، والطَّحَاويّ فِي شَرْح مَعَانِي الآثار 2/218 بمثله .
وأخْرَجَهُ ابن أَبِي شَيْبَةَ ( 13754 ) ط الحوت إلا أن فِيهِ : (( أن توافِيه صَلاة الصبح بمِنىً )) .
انظر : التَّلْخِيص الحَبِير 2/276-277 ، ونصب الرَّايَة 3/73 .
الأم 2/213 ، وطبعة الوفاء 3/553-554 .
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
10th يوليو 2008, 17:47 من طرف زائر
» الطريق الى الله
10th يوليو 2008, 16:34 من طرف زائر
» ضرورة التفسير
10th يوليو 2008, 16:24 من طرف زائر
» تصويت على كتاب الأربعين النووية
10th يوليو 2008, 16:01 من طرف زائر
» سلاسل صوتية متدرجة في علم النحو
10th يوليو 2008, 15:51 من طرف زائر
» حول الأسئلة المطروحة في أصول الفقه ـ مهم ـ
10th يوليو 2008, 15:13 من طرف زائر
» اقتراح يخص طالب العلم
23rd يونيو 2008, 22:16 من طرف زائر
» حدود الشبهة و ما قيل في حكمها
23rd يونيو 2008, 16:38 من طرف محمد شحاته على
» جنايات على العلم والمنهج (6)..هجر جناحي الاجتهاد أو التقصير
23rd يونيو 2008, 16:37 من طرف محمد شحاته على